06‏/03‏/2015

لست موهوباً؟ اطمئن، لست فاشلاً أيضاً إن توقفت عن هذه الأشياء

لست موهوباً؟ اطمئن، لست فاشلاً أيضاً إن توقفت عن هذه الأشياء !


كم مرة فكرت بينك وبين نفسك بأنك شخص لا تملك موهبة مثل الكثير من الناس وبالتالي لن تحقق النجاح في حياتك؟ ، لا تعتقد أن هذا السؤال موجه إليك فقط ، إنني أوجه إلى نفسي قبل أن أوجه اليك.
بالطبع، بعض الأشخاص قد تمتلك اليد العليا بشكل طبيعي في بعض المهارات، لكن النجاح لا يرتبط بهذه المواهب في معظم الأحوال بل النجاح يأتي من تكريس حياتك لتطوير مهاراتك وبالتالي أن تصبح ناجح، الموهبة هي مجرد نقطة البداية.
من المستحيل عملياً ازالة فكرة ” المواهب الطبيعية ” من رؤوسنا، ففكرة وجود بعض الأشخاص التي تمتلك موهبة في بعض الأمور وراثياً ، هي فكرة موجودة بشكل كبير، وخاصة إذا ما تعلقت تلك المواهب بالقدرات المادية وغالباً تكون مادية بالفعل، لكن على الطرف الآخر.
النجاح ليس عبارة عن شيء مادي بشكل بحت، النجاح عند معظم الأشخاص هو أن تشعر بأنك جيد في شيء محدد حتى يمكنك عيش حياة مريحة مع هذا الشيء، لكن عندما لا نحصل على هذا النجاح نلجأ بشكل طبيعي إلى الأريكة وننظر إلى الناس من حولنا بنظرة حاسدة لما يملكونه من ” مواهب ” لا نمتلكها نحن، مع أننا لم نعمل حتى لنرى إن كنا نمتلك مواهب أم لا؟!.

غير منظورك عن قدراتك

وجهة النظر الخاطئة يمكن أن تمنعنا من الكثير من الأشياء، عندما تبدأ بالتفكير بأن الموهبة هي الشيء الأساسي والقطعة المفتاحية لحل لغز النجاح، فبذلك تكون بنيت جداراً على كل شيء حول نفسك، ستفكر بالطريقة الخاطئة –” لن أصبح مثل هذا الشخص أو ذاك لأنني ببساطة لا أملك الموهبة اللازمة”-
المشكلة هنا أن الاعتقاد بأن فقط الموهبة هي التي تجلب لك النجاح يحجب عنك الكثير من الأبواب، عليك بتغيير وجهة نظرك من الآن بأنك لديك قدرة فطرية على فعل أي شيء إن كنت تريد فعله حقاً سواء كنت تمتلك الموهبة أم لا، إذا أردت سمّي هذه القدرة ” موهبة” J.
أما إذا بقيت على التفكير الأول الخاطئ، فإنك ستبقى خلف الجدار الوهمي الذي بنيته بنفسك ولن تتجاوزه، صحيح أن الموهبة يمكنها احداث فرق في كثير من الأحيان لكن لا يوجد شيء يمنعك من القيام بكل ما تريد القيام به دون أن تمتلك الموهبة، الفرق بينك وبين صاحب الموهبة، هو أنك ستستمتع بمزيد من الصعوبات على طول الطريق.
ما يأتي بعد كل هذا هو العاطفة والتفاني مع الاعتقاد السابق بأنك يمكنك وستتفوق على صاحب الموهبة، عندما ترى أي شخص مبدع في مجاله، بشكل غير إرادي سيخطر إلى بالك فوراً بأنه يمتلك موهبة خارقة أوصلته إلى ما هو عليه..
لكنك إن توقفت للحظة وسألته عن الطريق الذي سلكه ستتغير وجهة نظرك بشكل كامل، فالعداء الأولمبي كان يركض كل يوم تحت الشمس والمطر حتى وصل إلى المرتبة الأولى في السباق، عازف الغيتار الذي تراه صاحب موهبة عظيمة كان يعزف ويتمرن كل يوم حتى أُدميت يداه من التدريب..
أستاذ الرياضيات الذي يبهرك بسرعته في الحساب، كان يسهر الليالي وهو يحسب الأرقام، وصغ على هذا آلاف الأمثلة الأخرى، أما أنت فتريد الوصول إلى النجاح من دون أن تعب أو سهر أو أي عمل بدني مجهد لذلك تتمنى أن تتمتع بالموهبة، القاعدة هنا ببساطة، تريد النجاح فعليك أن تعمل، ولا يوجد طريق آخر لتسلكه يخفف عنك هذا العمل.

سمّيها مهارات وليس مواهب

هذا هو الجزء الأكثر أهمية في هذا المقال ككل، دعنا نتفق بأن ندعو القدرات التي يمتلكها بعض الأشخاص ب”المهارات” وليس ب”المواهب”، إذا رأيت شخص بارع في العزف على آلة موسيقية فهو يمتلك مهارة العزف على هذه الآلة..
لا يمتلك موهبة جعلته بارعاً منذ نعومة أظفاره في العزف على الآلة، إذا أصبحت بشكل لا إرادي تطلق على هذه القدرات مهارات فإنك بشكل لا إرادي أيضاً ستقتنع بأنك يمكنك تعلمها أيضاً، نصف المعركة هو مجرد معرفة بأنك بإمكانك أن تصبح مثله، العازف الذي تكلمنا عنه في الأعلى يمكنك الوصول إلى مستواه إن كنت تدربت مثله وبالفعل أنت ستصبح مثله إذا بالفعل تدربت.
كما الحال مع الآلات الموسيقية، يمكنك القياس على نفس المنوال واعتبار أن المغنيين لم يولدوا وهم يمتلكون هذا الصوت الملائكي الرائع، حيث أثبتت دراسة جديدة من جامعة نورث وسترن أن الغناء يعتبر مهارة أكثر منه إلى أنه موهبة، حيث أشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين كانوا يطمحون لأن يكونوا مغنين لكنهم لم يجتهدوا ولم يعملوا على حلمهم كانوا سيصبحون مغنيين إن تعبوا على أنفسهم قليلاً.
إذا كنت تظن أن هذه الأمور تنطبق فقط على الأمور العاطفية والتي لا تتعلق بالعقل، فالعقل هو أكبر موهبة كما تعتقد! ، لكن بعض الدكاترة والباحثين من مجلة الاستعراضات النفسية يخالفونك الرأي، فقد أثبتوا أن حتى المهارات التحليلية هي عبارة عن مهارة بشكل بحت، وأثبتوا ذلك عن طريق لعبة الشطرنج، فمن خلال البحث في مجموعة اللاعبين العالمين للشطرنج تبين لهم أنه لا يوجد شخص واحد في هذه المجموعة وإلا وتدرب على الشطرنج لمدة 10 سنوات على الأقل قبل أن يصل إلى مستواه الحالي، وأن أغلبهم كان يلعب الشطرنج كل يوم مرة واحدة على الأقل.
عندما تقوم بتبديل مفهومك عن الموهبة وتحويله إلى المهارة فإن العالم ببساطة يفتح لك، لأنك من خلال هذا المنظور ترى كل شيء كأنه قابل للتعلم، يمكنك أن تصبح لاعب شطرنج محترف وعالمي إذا تمرنت قليلاً، يمكنك أن تصبح مبرمج محترف وخبير من خلال قضاء الكثير من القوت خلف شاشة جهازك المحمول، يمكنك القيام بالكثير من الأشياء لكن عليك التفكير أولاً بعقلية منفتحة ثم العمل بكل جد.


الممارسة المنوعة والممارسة بكثرة

مع التفكير الصحيح الذي شرحناه فيما سبق، فأنت مستعد للجزء التالي من الأحجية، إذا كنت تعلم ما هي ” مهاراتك ” فلماذا لا تبدأ بالممارسة فوراً، وهذا لا يعني بالطبع أن تعيد الأمر نفسه مراراً وتكراراً ، بل على العكس..
إذا عدنا إلى مثال عازف الغيتار السابق، إعادة نفس الأغنية مراراً لا يجعلك عازف غيتار جيد، بل يجعلك تحفظ الأغنية عن ظهر قلب وهذا ما لا نريده بالتأكيد، عليك التنويع إن جاز التعبير، اعزف ما تريد وكيفما تريد، تعرف إلى ايقاعات جديدة ونغمات جديدة في كل يوم و هذا ما سيجعلك عازف غيتار جيد.
وبعد أن تكتشف كل شيء جديد في المجال الذي تريده، عليك البدء بالممارسة بكثرة، وهنا لا نقصد أن تقوم بالممارسة 20 دقيقة يومياً، بل يجب أن تكون ساعات متواصلة من التمرين و التعب والمشقة وقد يستغرق الأمر سنوات لتصل إلى المكان المطلوب..
عليك بالتحلي بالصبر مع الممارسة فلن تستفيد شيء إذا تخلى عنك الصبر وتخليت عنه بعد شهر أو شهرين من بدء التمرين ، قد لا يستغرق الأمر 10 سنوات أو 10000 ساعة كما استغرق الأمر مع بيل جيتس لكن  تأكد بأنك تملك هدفاً وتأكد أيضاً من أنك تستطيع المثابرة لعشرة سنوات إن لزم الأمر .
من دون هدف واضح، ستفقد الحماسة بعد فترة معينة من دون أن تحرز أي تقدم، وهذا ما يحدث مع كثير من الأشخاص وخاصة مع أولئك الذين لا يملكون ” مهارة”، فعندما لا يشعرون بأي تحسن في وقت قصير يلجؤون إلى تأجيل الأمر وبالتالي إهماله..
المثابرة على التمرين هو الشيء الأصعب في هذه المسألة، لذا عليك المحافظة على أوقات معينة للممارسة بشكل منتظم، وبالتالي لن تستطيع منع نفسك من التدريب لأنه أصبح شيء أساسي في جدولك اليومي.

لا تقلل من انجازاتك

أخيراً وليس آخراً، إياك أن تقول أنك نجحت بسبب مواهبك الطبيعية، وأعتقد أنه شيء طبيعي بالنسبة لكثير من البشر، فعادةً ما ينسب النجاح وبكل بساطة إلى الموهبة والحظ، وكلاهما من النجاح بريء، الناس لا ينظرون إلى النجاح من خلال الليالي التي سهرتها والجهد الذي بذلته..
لكن أنت عليك النظر إلى النجاح من هذه الزاوية، إذا كنت تمتلك الموهبة أو المهارة كما اتفقنا أن نسميها، فبطبع ليس كل النجاح عائد لهذه المهارة، بل أيضاً لجهدك وتعبك وسهرك وتعلمك، كل هذا النجاح لم تكن لتحققه لو أنك لم تعمل على مهارتك.
بالإضافة إلى أنك ستحقق المزيد من النجاح إذا أقنعت نفسك بأن النجاح السابق الذي حققته قد استحقته بكل جدارة وأنه لم يأتي نتيجة عبثية أو نتيجة طبيعية كونك جيداً بالفطرة أو ما شابه ذلك.
النجاح هو معادلة صعبة الحل، وهناك الكثير من المتغيرات لكي يتم حسابها، ولكن المواهب الطبيعية ليست بالتأكيد عنصراً أساسياً في المعادلة، ربما من الطبيعي أن يكون الموهوبين لديهم ميزة وربما لا يكون لديهم شيء مختلف عنك..
مع ذلك فإن الممارسة والانضباط هما الأساسيان في أي معادلة على ما أعتقد، عندما يأتي الأمر للنجاح فأنت أكبر عدو لنفسك، وفي نفس الوقت قد تكون أفضل حليف لها، لذا عليك تحديد موقعك في المعادلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق